كم يساوي: (1+1)؟
كان للسؤال وقع الصدمة عليها وهي تبحث في داخلها عن مبرر لأن يسألها استشاري التنمية البشرية هذا السؤال الساذج، وبتململ قالت: “بالتأكيد اثنين”، شكرتها وأنا أرسم ابتسامة عريضة زادت حيرتها، مضيفًا: “إجابتك في علم الحساب صحيحة مئة بالمئة، لكنها في علم الأفكار داخل عقولنا خطأ مئة بالمئة”، لتبدأ رحلتي في تركيب (أنتي فيرس) الأفكار السلبية في داخل عقل المهندسة “سعاد”.
لم يكن لدي أدنى شك أنني أجلس أمام شخصية مميزة، معدل تخرج جيد جدًا، وقبله معدل في الثانوية العامة تجاوز الخمسة والتسعين، ولم يكن لدي أيضًا أدنى شك أنني أمام شخصية متعبة جدًّا، لم تشبع من النوم منذ زمن، مشوشة في أفكارها، ولا تستطيع بأي حال اتخاذ قرارات مصيرية، لذلك حاولت أن أنتقي أبسط الكلمات وأوضحها، وأنا أحاول التسلل إلى إقناعها بالتخلي عن أغلب ما يدور في عقلها من أفكار.
“فكرة زائد فكرة في عقلنا مستحيل أن يكون حاصل جمعهما فكرتين؛ لأن عقلنا سيولد المزيد من الأفكار، وسيرسم “سيناريوهات” متواصلة لا تتوقف من نتاج للفكرتين” غيرت من جلستي وأنا أنظر إليها بتحدٍّ، مضيفًا: “لو أنك كنت في عملك، وأخبرتك زميلة أن المدير يلتقي الآن زميلة أخرى اعتادت إثارة المشاكل لك، وأنهما ذكرا اسمك عدت مرات، كيف سيتعامل عقلك مع هاتين الفكرتين؟، ببساطة سيرسم (سيناريو) كاملًا لما دار بينهما، مفترضة في الغالب أنهما يتآمران عليك ويعدان العدة لإيذائك، ثم سينتقل لرسم (سيناريو) لطريقة تعاملك مع (السيناريو) الأول، وقد يصل بك الحال خلال دقائق معدودة للقيام باتخاذ قرارات صعبة ومصيرية قد تصل إلى حد كتابة استقالتك، أو اقتحام المكتب عليهما لإبلاغهما أنك عرفت كل شيء عن مخططهما السري”.
مع كل كلمة من هذه الكلمات كان اهتمام “سعاد” يتزايد، وعيناها تكادان تقفزان لتقول: ” نعم هذا ما يحدث معي، هذا ما أريد التخلص منه”، لذلك أكملت نصيحتي لها دون إبطاء: “هذا القانون نفسه _يا أستاذة_ ينطبق على الأفكار الإيجابية، ففكرة إيجابية زائد فكرة إيجابية يساوي بحرًا من الأفكار الإيجابية التي يمكن أن تغير حياتك تمامًا”.
“لكن كيف أتخلص من الأفكار السلبية؟” هذا هو السؤال الذي كنت أنتظره منها، والإجابة كانت حاضرة فورًا: “(أنتي فيرس) الافكار السلبية هو الحل، تصوري أن عقلك هو نظام تشغيل (ويندوز)، وأنك تخافين الفيروسات، واشتريت برنامج (أنتي فيرس)، الافكار السلبية هي الفيروسات، والبرنامج مهمته الإمساك بفيروسات الأفكار السلبية، وأداته الرئيسة هي إدراك هذه الأفكار وتشخيصها ثم سحبها إلى سلة المهملات قبل أن تبدأ في صنع “السيناريوهات” السلبية، والتخلص منها فورًا، عندها سيتفرغ عقلك للأفكار الإيجابية فقط، وستتغير حياتك بالتأكيد، وستنامين لأول مرة نومًا هادئًا منذ شهور طويلة”.
محمد أبو شرخ